﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ (٤٠) ﴾
هذه مُواعدة من الله تعالى لنوح، عليه السلام، إذا جاء أمر الله من الأمطار المتتابعة، والهَتَّان الذي لا يُقْلع ولا يَفتُر، بل هو كما قال تعالى :﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ ﴾ [القمر : ١١ - ١٤].
وأما قوله :﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾ فعن ابن عباس : التنور : وجه الأرض، أي : صارت الأرض عيونا تفور، حتى فار الماء من التنانير التي هي مكان النار، صارت تفور ماء، وهذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف.
وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه : التنور : فَلَق الصبح، وتنوير الفجر، وهو ضياؤه وإشراقه.
والأول أظهر.
وقال مجاهد والشعبي : كان هذا التنور بالكوفة، وعن ابن عباس : عين بالهند. وعن قتادة : عين بالجزيرة، يقال لها : عين الوردة.
وهذه أقوال غريبة.
فحينئذ أمر الله نوحا، عليه السلام، أن يحمل معه في السفينة من كل زوجين - من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، قيل : وغيرها من النباتات - اثنين. ذكرا وأنثى، فقيل : كان أول من أدخل من الطيور الدرة، وآخر من أدخل من الحيوانات الحمار، فدخل إبليس متعلقًا بذنبه، فدخل بيده، وجعل يريد أن ينهض فيثقله إبليس وهو متعلق بذنبه، فجعل يقول له نوح : مالك ؟ ويحك. ادخل. فينهض ولا يقدر، فقال : ادخل وإن كان إبليس معك فدخلا في السفينة.