وعن كعب الأحبار في أربعين سنة، وقيل : في ستين، وقيل : في مائة سنة، وقيل : في أربعمائة سنة، واختلف في أنه في أي موضع صنعها، فقيل : في الكوفة، وقيل : في الهند، وقيل : في أرض الجزيرة، وقيل : فى أرض الشام، وسفينة الأخبار في تحقيق الحال فيما أرى لا تصلح للركوب فيها إذ هي غير سالمة عن عيب، فالحرى بحال من لا يميل إلى الفضول أن يؤمن بأنه عليه السلام صنع الفلك حسبما قص الله تعالى في كتابه ولا يخوض في مقدار طولها وعرضها وارتفاعها ومن أي خشب صنعها وبكم مدة أتم علمها إلى غير ذلك مما لم يشرحه الكتاب ولم تبينه السنة الصحيحة، وهذا وفي التعبير بيصنع على ما قيل : ملاءمة للاستمرار المفهوم من الجملة الواقعة حالا من ضميره أعني قوله تعالى :﴿ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ ﴾ أي استهزأوا به لعمله السفينة إما لأنهم ما كانوا يعرفونها ولا كيفية استعمالها فتعجبوا من ذلك وسخروا منه، ويشهد لعدم معرفتهم ما روي عن ابن عباس أنه عليه السلام حين قال الله تعالى له :﴿ اصنع الفلك ﴾ [ هود : ٣٧ ] قال : يا رب وما الفلك؟ قال : بيت من خشب يجري على وجه الماء قال يا رب : وأين الماء؟ قال : إني على ما أشاء قدير، وإما لأنه عليه السلام كان يصنعها في برية بعيدة عن الماء وكانوا يتضاحكون، ويقولون : يا نوح صرت نجاراً بعد ما كنت نبياً، وهذا مبني على أن السفينة كانت معروفة بينهم، ويشهد له ما أخرجه ابن جرير.