والحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن عائشة قالت : قال رسول الله ﷺ : كان نوح قد مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها ثم جعل يعملها سفينة فيرونه ويسألونه فيقول اعملها سفينة فيسخرون منه ويقولون : تعمل سفينة في البر وكيف تجري؟ فيقول : سوف تعلمون الحديث والأكثرون كما قال ابن عطية على أنهم لم يكونوا رأوا سفينة قط ولا كانت إذ ذاك، وقد ذكر في كتب الأوليات أن نوحاً عليه السلام أو من عمل السفينة، والحق أنه لا قطع بذلك، وكل منصوب على الظرفية و﴿ مَا ﴾ مصدرية وقتية أي كل وقت مرور، والعامل فيه جوابه وهو ﴿ سَخِرُواْ ﴾ وقوله سبحانه :
﴿ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ استئناف بياني كأن سائلاً سأل فقال : فما صنع نوح عليه السلام عند بلوغهم منه هذا المبلغ؟ فقيل : قال :﴿ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا ﴾ لهذا العمل مباشرة أسباب الخلاص من العذاب ﴿ فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ لما أنتم فيه من الأعراض عن استدفاعه بالإيمان والطاعة ومن الاستمرار على الكفر والمعاصي، والتعرض لأسباب حلول سخط الله تعالى التي من جملتها سخريتكم منا واستهزاؤكم بنا، وإطلاق السخرية عليهم حقيقة، وعليه عليه السلام للمشاكلة لأنها لا تليق بالأنبياء عليهم السلام، وفسرها بعضهم بالاستجهال ؛ وهو مجاز لأنه سبب للسخرية، فأطلقت السخرية وأريد سببها.


الصفحة التالية
Icon