وقيل : إنها منه عليه السلام لما كانت لجزائهم من جنس صنيعهم لم تقبح فلا حاجة لارتكاب خلاف الظاهر، وجمع الضمير في ﴿ مِنَّا ﴾ إما لأن سخريتهم منه عليه السلام سخرية من المؤمنين أيضاً أو لأنهم كانوا يسخرون منهم أيضاً إلا أنه اكتفى بذكر سخريتهم منه عليه السلام ولذلك تعرض الجميع للمجازاة في قوله :﴿ نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ فتكافأ الكلام من الجانبين، والتشبيه في قوله سبحانه :﴿ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴾ إما في مجرد التحقق والوقوع، وإما في التجدد والتكرر حسبما صدر عن ملأ بعد ملأ، وقيل : لا مانع من أن يراد الظاهر ولا ضرر في ذلك لحديث الجزاء، ومن هنا قال بعضهم : إن في الآية دليلاً على جواز مقابلة نحو الجاهل والأحمق بمثل فعله ويشهد له قوله تعالى :﴿ فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] ﴿ وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا ﴾ [ الشورى : ٤٠ ] ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ [ النحل : ١٢٦ ] إلى غير ذلك، والظاهر أن كلا الفعلين واقع في الحال.
وقال ابن جريج : المعنى ﴿ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا ﴾ في الدنيا ﴿ فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ في الآخرة، وقيل : في الدنيا عند الفرق.