وقال القاسمى :
﴿ حَتَّى إِذَا جَاء أَمْرُنَا ﴾
أي : بإهلاك قومه. و :﴿ حَتَّى ﴾ غاية لقوله ( ويصنع ) وما بينهما حال من الضمير فيه، و ( سخروا منه ) جواب ( كلما ) :﴿ وَفَارَ التَّنُّورُ ﴾ أي : وجه الأرض، أو كل مفجر ماء، أو محفل ماء الوادي، أو عين ماء معروفة، أو الكانون الذي يخبز فيه، أو تنوير الفجر - أقوال حكاها اللغويون والمفسرون - زاد بعضهم احتمال أن يكون هذا كناية عن اشتداد الأمر، كما يقال :( حمي الوطيس ) والوطيس : التنور، وهو من فصيح الكلام وبليغه، وعندي أنه أظهر الأوجه المذكورة وأرقها وأبدعها وأبلغها، وإن حاول الرازي رده، كأنه قيل : واشتد الأمر، وقوي انهمار الماء ونبوعه. وهذا الإيجاز في مجازه الرهيب قد بينته آيات أخر، وهي :﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾ [ القمر : ١١ - ١٢ ] الآيات، ومما يؤيده شمولة لشدة الأمر من السماء والأرض فيطابق هذه الآيات. وأما غيره فمقصور على ناحية الأرض فقط، وجلي أن الأمر كان أعم - والله أعلم -.
﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا ﴾ أي : في السفينة :﴿ مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ﴾ أي : صنفين من البهائم والطيور وما يدب على وجه الأرض :﴿ اثْنَيْنِ ﴾ أي : ذكراً وأنثى.
قال أبو البقاء : يقرأ ( كُلِّ ) بالإضافة وفيه وجهان :
أحدهما : أن مفعول ( احمِل ) ( اثنين ) و ( مِن ) حال.