ونظيره :﴿ وامرأة مؤمنة إنْ وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها ﴾ وقال الزمخشري : قوله إن كان الله يريد أن يغويكم جزاؤه ما دل عليه قوله : لا ينفعكم نصحي، وهذا الدليل في حكم ما دل عليه، فوصل بشرط كما وصل الجزاء بالشرط في قوله : إن أحسنت إليّ أحسنت إليك إن أمكنني.
وقال ابن عطية : وليس نصحي لكم بنافع، ولا إرادتي الخير لكم مغنية إذا كان الله تعالى قد أراد بكم الإغواء والإضلال والإهلاك.
والشرط الثاني اعتراض بين الكلام، وفيه بلاغة من اقتران الإرادتين، وأنّ إرادة البشر غير مغنية، وتعلق هذا الشرط هو بنصحي، وتعلق الآخر هو بلا ينفع انتهى.
وكذا قال أبو الفرج بن الجوزي قال : جواب الأول النصح، وجواب الثاني النفع.
والظاهر أنّ معنى يغويكم يضلكم من قوله : غوى الرجل يغوي وهو الضلال.
وفيه إسناد الإغواء إلى الله، فهو حجة على المعتزلة إذ يقولون : إن الضلال هو من العبد.
وقال الزمخشري : إذا عرف الله من الكافر الإصرار فخلاه وشأنه ولم يلجئه سمى ذلك إغواء وإملاء، كما إنه إذا عرف منه أن يتوب ويرعوي فلطف به سمى إرشاداً وهداية انتهى.
وهو على طريقة الاعتزال، ونصوا على أنه لا يوصف الله بأنه عارف، فلا ينبغي أن يقال : إذا عرف الله كما قال الزمخشري، وللمعتزلي أن يقول : لا يتعين أن تكون إن شرطية، بل هي نافية والمعنى : ما كان الله يريد أن يغويكم، ففي ذلك دليل على نفي الإضلال عن الله تعالى، ويكون قوله : ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح، إخبار منه لهم وتعزية لنفسه عنهم، لما رأى من إصرارهم وتماديهم على الكفر.
وقيل : معنى يغويكم يهلككم، والغوي المرض والهلاك.
وفي لغة طيء : أصبح فلان غاوياً أي مريضاً، والغوي بضم الفصيل وقاله : يعقوب في الإصلاح.
وقيل : فقده اللبن حتى يموت جوعاً قاله : الفراء، وحكاه الطبري يقال منه : غوى يغوي.