الأمواج العظيمة إنما تحدث عند حصول الرياح القوية الشديدة العاصفة فهذا يدل على أنه حصل في ذلك الوقت رياح عاصفة شديدة، والمقصود منه : بيان شدة الهول والفزع.
المسألة الثالثة :
الجريان في الموج، هو أن تجري السفينة داخل الموج، وذلك يوجب الغرق، فالمراد أن الأمواج لما أحاطت بالسفينة من الجوانب، شبهت تلك السفينة بما إذا جرت في داخل تلك الأمواج.
ثم حكى الله تعالى عنه أنه نادى ابنه، وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
اختلفوا في أنه كان ابناً له، وفيه أقوال :
القول الأول : أنه ابنه في الحقيقة، والدليل عليه : أنه تعالى نص عليه فقال :﴿ونادى نُوحٌ ابنه﴾ ونوح أيضاً نص عليه فقال :﴿يا بَنِى﴾ وصرف هذا اللفظ إلى أنه رباه، فأطلق عليه اسم الابن لهذا السبب صرف للكلام عن حقيقته إلى مجازه من غير ضرورة وأنه لا يجوز، والذين خالفوا هذا الظاهر إنما خالفوه لأنهم استبعدوا أن يكون ولد الرسول المعصوم كافراً، وهذا بعيد، فإنه ثبت أن والد رسولنا ﷺ كان كافراً، ووالد إبراهيم عليه السلام كان كافراً بنص القرآن، فكذلك ههنا، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في أنه عليه السلام لما قال :﴿رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً﴾ [ نوح : ٢٦ ] فكيف ناداه مع كفره ؟
فأجابوا عنه من وجوه : الأول : أنه كان ينافق أباه فظن نوح أنه مؤمن فلذلك ناداه ولولا ذلك لما أحب نجاته.
والثاني : أنه عليه السلام كان يعلم أنه كافر، لكنه ظن أنه لما شاهد الغرق والأهوال العظيمة فإنه يقبل الإيمان فصار قوله :﴿يا بنى اركب مَّعَنَا﴾ كالدلالة على أنه طلب منه الإيمان وتأكد هذا بقوله :﴿وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين﴾ أي تابعهم في الكفر واركب معنا.


الصفحة التالية
Icon