والتنور : اختلف في تفسيرها على أقوال : الأوّل : أنها وجه الأرض، والعرب تسمى وجه الأرض تنوراً، روي ذلك عن ابن عباس، وعكرمة، والزهري، وابن عيينة.
الثاني : أنه تنور الخبز الذي يخبزونه فيه، وبه قال مجاهد وعطية والحسن، وروي عن ابن عباس أيضاً.
الثالث : أنه موضع اجتماع الماء في السفينة، روي عن الحسن.
الرابع : أنه طلوع الفجر، من قولهم تنّور الفجر، روي عن عليّ بن أبي طالب.
الخامس : أنه مسجد الكوفة، روي عن عليّ أيضاً ومجاهد.
قال مجاهد : كان ناحية التنّور بالكوفة.
السادس : أنه أعالي الأرض، والمواضع المرتفعة، قاله قتادة.
السابع : أنه العين التي بالجزيرة المسماة عين الوردة، روي ذلك عن عكرمة.
الثامن : أنه موضع بالهند.
قال ابن عباس : كان تنور آدم بالهند.
قال النحاس : وهذه الأقوال ليست بمتناقضة، لأن الله سبحانه قد أخبر بأن الماء قد جاء من السماء والأرض، قال :﴿ فَفَتَحْنَا أبواب السماء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً ﴾ [ القمر : ١١، ١٢ ] فهذه الأقوال تجتمع في أن ذلك كان علامة.
هكذا قال، وفيه نظر، فإن القول الرابع ينافي هذا الجمع، ولا يستقيم عليه التفسير بنبع الماء.
إلا إذا كان المراد مجرد العلامة، كما ذكره آخراً.
وقد ذكر أهل اللغة أن الفور : الغليان، والتنور : اسم عجمي عرّبته العرب.
وقيل : معنى فار التنور : التمثيل بحضور العذاب كقولهم : حَمي الوطيس : إذا اشتدّ الحرب، ومنه قول الشاعر :
تركتم قدركم لا شيء فيها... وقِدرُ القوم حامية تفورُ
يريد : الحرب.
قوله :﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ أي : قلنا : يا نوح، احمل في السفينة من كل زوجين مما في الأرض من الحيوانات اثنين ذكراً وأثنى.