قوله :﴿ وَقَالَ اركبوا فِيهَا ﴾ القائل : نوح، وقيل : الله سبحانه.
والأوّل : أولى، لقوله :﴿ إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ والركوب : العلوّ على ظهر الشيء حقيقة نحو ركب الدابة، أو مجازاً نحو ركبه الدين، وفي الكلام حذف : أي : اركبوا الماء في السفينة، فلا يرد أن ركب يتعدّى بنفسه ؛ وقيل إن الفائدة في زيادة " في " أنه أمرهم بأن يكونوا في جوف السفينة لا على ظهرها.
وقيل : إنها زيدت لرعاية جانب المحلية في السفينة كما في قوله :﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الفلك ﴾ [ العنكبوت : ٦٥ ]، وقوله :﴿ حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِى السفينة ﴾ [ الكهف : ٧١ ] قيل : ولعلّ نوحاً قال هذه المقالة بعد إدخال ما أمر بحمله من الأزواج، كأنه قيل : فحمل الأزواج وأدخلها في الفلك، وقال للمؤمنين، ويمكن أن يقال إنه أمر بالركوب كل من أمر بحمله من الأزواج والأهل والمؤمنين، ولا يمتنع أن يفهم خطابه من لا يعقل من الحيوانات، أو يكون هذا على طريقة التغليب.
قوله :﴿ بِسْمِ اللَّهِ ﴾ متعلق ب ﴿ اركبوا ﴾، أو حال من فاعله : أي مسمين الله، أو قائلين :﴿ بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ﴾ قرأ أهل الحرمين وأهل البصرة بضمّ الميم فيهما إلا من شدّ منهم على أنهما اسما زمان، وهما : في موضع نصب على الظرفية : أي وقت مجراها ومرساها، ويجوز أن يكونا مصدرين : أي : وقت إجرائها وإرسائها.
وقرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي، وحفص ﴿ مجراها ﴾ بفتح الميم، و ﴿ مرساها ﴾ بضمها، وقرأ يحيى بن وثاب بفتحها فيهما.
وقرأ مجاهد، وسليمان بن جندب، وعاصم الجحدري، وأبو رجاء العطاردي ﴿ مجريها ومرسيها ﴾ على أنهما وصفان لله، ويجوز أن يكونا في موضع رفع باضمار مبتدأ : أي هو مجريها ومرسيها ﴿ إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ ﴾ للذنوب ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بعباده، ومن رحمته إنجاء هذه الطائفة تفضلاً منه لبقاء هذا الجنس الحيواني، وعدم استئصاله بالغرق.


الصفحة التالية
Icon