قوله :﴿ وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ فِى مَوْجٍ كالجبال ﴾ هذه الجملة متصلة بجملة محذوفة دلّ عليها الأمر بالركوب، والتقدير : فركبوا مسمين، وهي تجرى بهم، والموج : جمع موجة، وهي : ما ارتفع عن جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، وشبهها بالجبال المرتفعة على الأرض.
قوله :﴿ ونادى نُوحٌ ابنه ﴾ هو : كنعان، قيل : وكان كافراً، واستبعد كون نوح ينادي من كان كافراً مع قوله :﴿ رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً ﴾ [ نوح : ٢٦ ]، وأجيب بأنه كان منافقاً، فظن نوح أنه مؤمن.
وقيل : حملته شفقة الأبوّة على ذلك.
وقيل : إنه كان ابن امرأته، ولم يكن بابنه، ويؤيده ما روي أن علياً قرأ " ونادى نوح ابنها ".
وقيل : إنه كان لغير رشدة، وولد على فراش نوح.
وردّ بأن قوله :﴿ ونادى نُوحٌ ابنه ﴾، وقوله :﴿ إِنَّ ابنى مِنْ أَهْلِى ﴾ يدفع ذلك على ما فيه من عدم صيانة منصب النبوّة ﴿ وَكَانَ فِى مَعْزِلٍ ﴾ أي : في مكان عزل فيه نفسه عن قومه، وقرابته بحيث لم يبلغه قول نوح : اركبوا فيها، وقيل : في معزل من دين أبيه، وقيل : من السفينة.
قيل : وكان هذا النداء قبل أن يستيقن الناس الغرق، بل كان في أوّل فور التنور.
قوله :﴿ مَعْزِلٍ يابنى اركب مَّعَنَا ﴾ قرأ عاصم بفتح الياء، والباقون بكسرها، فأما الكسر فلجعله بدلاً من ياء الإضافة، لأن الأصل يا بنيّ، وأما الفتح فلقلب ياء الإضافة ألفاً لخفة الألف، ثم حذف الألف وبقيت الفتحة لتدلّ عليه.
قال النحاس : وقراءة عاصم مشكلة.
وقال أبو حاتم : أصله يا بنياه ثم تحذف، وقد جعل الزجاج للفتح وجهين، وللكسر وجهين.
أما الفتح بالوجه الأوّل ما ذكرناه، والوجه الثاني : أن تحذف الألف لالتقاء الساكنين.
وأما الكسر، فالوجه الأوّل ما ذكرناه، والثاني : أن تحذف لالتقاء الساكنين، كذا حكى عنه النحاس.


الصفحة التالية
Icon