وفي صحيح البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال : كانت ناقة للنبي ﷺ تُسمَّى العَضْباء ؛ وكانت لا تُسبق ؛ فجاء أعرابيّ على قعودٍ له فسبقها، فاشتدّ ذلك على المسلمين ؛ وقالوا : سُبِقت العضباء فقال رسول الله ﷺ :" إن حقّا على الله ألا يَرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه ".
وخرج مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال :" ما نَقَصت صدقةٌ من مالٍ وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزًّا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ".
وقال ﷺ :" إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يَبغِي أحد على أحد ولا يَفخر أحد على أحد ".
خرجه البخاريّ.
مسألة : نذكر فيها من قصة نوح مع قومه وبعض ذكر السفينة.
ذكر الحافظ ابن عساكر في التاريخ له عن الحسن : أن نوحاً أوّل رسول بعثه الله إلى ( أهل ) الأرض ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً ﴾ [ العنكبوت : ١٤ ].
وكان قد : كثرت فيهم المعاصي، وكثرت الجبابرة وعَتَوْا عُتُوًّا كبيراً، وكان نوح يدعوهم ليلاً ونهاراً، سرّاً وعلانية، وكان صبوراً حليماً، ولم يلق أحد من الأنبياء أشدّ مما لقي نوح ؛ فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه حتى يترك وقيدا، ويضربونه في المجالس ويطرد ؛ وكان لا يدعو على من يصنع به بل يدعوهم ويقول :"رَبِّ اغفر لِقَوْميِ فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ" فكان لا يزيدهم ذلك إلا فراراً منه، حتى أنه ليكلم الرجل منهم فيلفّ رأسه بثوبه، ويجعل أصبعيه في أذنيه لكيلا يسمع شيئاً من كلامه، فذلك قوله تعالى :
﴿ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جعلوا أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِمْ واستغشوا ثِيَابَهُمْ ﴾ [ نوح : ٧ ].