وقال الآلوسى :
﴿ تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ﴾
﴿ تِلْكَ ﴾ إشارة إلى قصة نوح عليه السلام وهي لتقضيها في حكم البعيد، ويحتمل أنه أشير بأداة البعد إلى بعد منزلتها، وقيل : إن الإشارة إلى آيات القرآن وليس بذاك ؛ وهي في محل الرفع على الابتداء، وقوله سبحانه :﴿ مِنْ أَنبَاء الغيب ﴾ أي بعض أخباره التي لها شأن وكونها بعض ذلك باعتبار أنها على التفصيل لم تبق لطول العهد معلومة لغيره تعالى حتى إن المجوس على ما قيل : ينكرونها رأساً، وقيل : إن كونها من الغيب لغير أهل الكتاب، وقد ذكر غير واحد أن الغيب قسمان : ما لا يتعلق به علم مخلوق أصلاً وهو الغيب المطلق، وما لا يتعلق به علم مخلوق معين وهو الغيب المضاف بالنسبة إلى ذلك المخلوق، وهو مراد الفقهاء في تكفير الحاكم على الغيب، وقوله سبحانه :﴿ نُوحِيهَا ﴾ خبر ثان لتلك والضمير لها أي موحاة ﴿ إِلَيْكَ ﴾ أو هو الخبر، و﴿ مِنْ أَنْبَاء ﴾ متعلق به، وفائدة تقديمه نفى أن يكون علم ذلك بكهانة أو تعلم من الغير، والتعبير بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية، أو ﴿ مِنْ أَنْبَاء ﴾ هو الخبر، وهذا في موضع الحال من ﴿ أَنْبَاء ﴾ والمقصود من ذكر كونها موحاة إلجاء قومه ﷺ للتصديق بنبوته عليه الصلاة والسلام وتحذيرهم مما نزل بالمكذبين، وقوله تعالى :﴿ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ﴾ خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك ﴿ مّن قَبْلِ هذا ﴾ أي الإيحاء إليك المعلوم مما مر، وقيل : أي الوقت، وقيل : أي العلم المكتسب بالوحي.


الصفحة التالية
Icon