واعلم أنه تعالى لما ذكر قصة عاد خاطب قوم محمد ﷺ، فقال :﴿عَادٌ جَحَدُواْ﴾ فهو إشارة إلى قبورهم وآثارهم، كأنه تعالى قال : سيروا في الأرض فانظروا إليها واعتبروا.
ثم إنه تعالى جمع أوصافهم ثم ذكر عاقبة أحوالهم في الدنيا والآخرة، فأما أوصافهم فهي ثلاثة.
الصفة الأولى : قوله :﴿جَحَدُواْ بآيات رَبّهِمْ﴾ والمراد : جحدوا دلالة المعجزات على الصدق، أو الجحد، ودلالة المحدثات على وجود الصانع الحكيم، إن ثبت أنهم كانوا زنادقة.
الصفة الثانية : قوله :﴿وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ﴾ والسبب فيه أنهم إذا عصوا رسولاً واحداً، فقد عصوا جميع الرسل لقوله تعالى :﴿لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] وقيل : لم يرسل إليهم إلا هود عليه السلام.
الصفة الثالثة : قوله :﴿واتبعوا أَمْرَ كُلّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ والمعنى أن السفلة كانوا يقلدون الرؤساء في قولهم :﴿مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ﴾ [ المؤمنون : ٢٤ ] والمراد من الجبار المرتفع المتمرد العنيد العنود والمعاند، وهو المنازع المعارض.
واعلم أنه تعالى لما ذكر أوصافهم ذكر بعد ذلك أحوالهم فقال :﴿وَأُتْبِعُواْ فِى هذه الدنيا لَعْنَةً وَيَوْمَ القيامة﴾ أي جعل اللعن رديفاً لهم، ومتابعاً ومصاحباً في الدنيا وفي الآخرة، ومعنى اللعنة الإبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير.
ثم إنه تعالى بين السبب الأصلي في نزول هذه الأحوال المكروهة بهم فقال :﴿أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ﴾ قيل : أراد كفروا بربهم فحذف الباء، وقيل : الكفر هو الجحد فالتقدير : ألا إن عاداً جحدوا ربهم.
وقيل : هو من باب حذف المضاف، أي كفروا نعمة ربهم.
ثم قال :﴿أَلاَ بُعْدًا لّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ وفيه سؤالان :