وقال ابن عطية :
﴿ وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا ﴾
و" الأمر " واحد الأمور، ويحتمل أن يكون مصدر أمر يأمر، أي أمرنا للريح أو لخزنتها ونحو ذلك، وقوله ﴿ برحمة ﴾، إما أن يكون إخباراً مجرداً عن رحمة من الله لحقتهم، وإما أن يكون قصداً إلى الإعلام أن النجاة إنما كملت بمجرد رحمة الله لا بأعماله ؛ فتكون الآية - على هذا - في معنى قول رسول الله ﷺ :" لا يدخل أحد الجنة بعمله " قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمته ".
وقوله ﴿ ونجيناهم من عذاب غليظ ﴾ يحتمل أن يريد : عذاب الآخرة، ويحتمل أن يريد : وكانت النجاة المتقدمة من عذاب غليظ يريد الريح، فيكون المقصود على هذا، تعديد النعمة ومشهور عذابهم بالريح هو أنها كانت تحملهم وتهدم مساكنهم وتنسفها وتحمل الظعينة كما هي ونحو هذا. وحكى الزجاج أنها كانت تدخل في أبدانهم وتخرج من أدبارهم وتقطعهم عضواً عضواً. وتعدى ﴿ جحدوا ﴾ بحرف جر لما نزل منزلة كفروا، وانعكس ذلك في الآية بعد هذا، وقوله :﴿ وعصوا رسله ﴾، شنعة عليهم وذلك أن في تكذيب رسول واحد تكذيب سائر الرسل وعصيانهم، إذ النبوات كلها مجمعة على الإيمان بالله والإقرار بربوبيته : ويحتمل أن يراد هود. وآدم، ونوح و" العنيد " : فعيل من " عَنِدَ " إذا عتا. ومنه قول الشاعر :[ الرجز ].