هَذِهِ الْآيَاتُ الْخَمْسُ فِي رَدِّ قَوْمِهِ لِلدَّعْوَةِ وَجُحُودِهِمْ لِلْبَيِّنَةِ، وَحُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِنْذَارِهِ لَهُمْ. (قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ بِحُجَّةٍ نَاهِضَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ مِنَ اللهِ - تَعَالَى - (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ) أَيْ وَمَا نَحْنُ بِالَّذِينِ نَتْرُكُ عِبَادَةَ آلِهَتِنَا صَادِرِينَ عَنْ قَوْلِكَ، أَوْ تَرْكًا صَادِرًا عَنْ قَوْلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِكَ وَأَنْتَ بَشَرٌ مِثْلُنَا (وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) أَيْ وَمَا نَحْنُ بِمُتَّبِعِينَ لَكَ اتِّبَاعَ إِيمَانٍ وَتَصْدِيقٍ بِرِسَالَتِكَ الَّتِي لَا بَيِّنَةَ لَكَ عَلَيْهَا، وَمَا قَوْلُهُمْ هَذَا إِلَّا جُحُودٌ وَعِنَادٌ، فَإِنَّ حُجَّتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُوَافِقَةٌ لِلْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ.
(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ) أَيْ : مَا نَجِدُ مِنْ قَوْلٍ نَقُولُهُ فِيكَ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ آلِهَتِنَا أَصَابَكَ بِجُنُونٍ أَوْ خَبَلٍ - وَهُوَ الْهَوَجُ وَالْبَلَهُ - لِإِنْكَارِكَ لَهَا وَصَدِّكَ إِيَّانَا عَنْهَا (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ) هَذَا بَدْءُ جَوَابٍ يَتَضَمَّنُ عِدَّةَ مَسَائِلَ :