الْأُولَى : الْبَرَاءَةُ مِنْ شِرْكِهِمْ أَوْ شُرَكَائِهِمُ الَّتِي افْتَرَوْهَا وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا. (الثَّانِيَةُ) : إِشْهَادُ اللهِ عَلَى ذَلِكَ لِثِقَتِهِ بِأَنَّهُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ فِيهِ - وَإِشْهَادُهُ إِيَّاهُمْ عَلَيْهِ أَيْضًا لِإِعْلَامِهِمْ بِعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِهِمْ وَبِمَا يَزْعُمُونَ مِنْ قُدْرَةِ شُرَكَائِهِمْ عَلَى إِيذَائِهِ. (الثَّالِثَةُ) : قَوْلُهُ :(فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ) أَيْ فَأَجْمِعُوا أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ مَا تَسْتَطِيعُونَ مِنَ الْكَيْدِ لِلْإِيقَاعِ بِي ثُمَّ لَا تُمْهِلُونِي، وَلَا تُؤَخِّرُوا الْفَتْكَ بِي إِنِ اسْتَطَعْتُمْ، أَيْ أَنَّهُ لَا يَخَافُهُمْ وَلَا يَخَافُ آلِهَتَهُمْ. وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي تَلْقِينِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - بَعْدَ تَقْرِيرِ عَجْزِ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ :(قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ) (٧ : ١٩٥) وَمِثْلُهُ حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ فِي سُورَةِ يُونُسَ : فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ١٠ : ٧١ وَقَدْ قَدَّمَ نُوحٌ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ تَوَكُّلَهُ عَلَى اللهِ - تَعَالَى -، وَأَخَّرَهُ هُودٌ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ (الرَّابِعَةُ).
(إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ) هَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ وَمِنْ آلِهَتِهِمْ، يَقُولُ : إِنِّي وَكَّلْتُ أَمْرَ حِفْظِي وَخِذْلَانِكُمْ إِلَى


الصفحة التالية
Icon