وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ﴾
وساعة تسمع ﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾ فأنت تعرف أن هناك آمراً وأمراً مُطاعاً، وبمجرد صدور الأمر من الآمر سبحانه يكون التنفيذ ؛ لأنه يأمر مَنْ له قدرة على التنفيذ :
ولذلك يقول الحق سبحانه :
﴿ إِذَا السمآء انشقت * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [ الإنشقاق : ١٢ ].
إذن : فهي بمجرد السمع نَفَّذت أمر الحق سبحانه.
وحين شاء الحق سبحانه أن يُنجي موسى عليه السلام من الذبح الذي أمر به فرعون ؛ أوحى الله سبحانه لأمِّ موسى قائلاً :
﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تحزني إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين ﴾ [ القصص : ٧ ].
وكيف تفعل أمٌّ ذلك.
إن كل أمًّ إنما تحرص على ابنها ؛ والذبح لموسى أمر مظنون، والإلقاء في البحر موت محقَّق، لكن أم موسى استقبلت الوحي ؛ ولم تتردد ؛ مما يدل على أنها تُناقش الأمر بمقاييس البشر، بل بتنفيذ إلهامٍ واردٍ إليها من الله سبحانه ؛ إلهام لا ينازعه شَكٌّ أو شيطان.
وبعد ذلك يأمر الله سبحانه البحر :
﴿ فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل ﴾ [ طه : ٣٩ ].
وقد استقبل البحرُ الأمرَ الإلهي ؛ لأنه أمر من قادر على الإنفاذ، كما قام بتنفيذ الضد.
في قصة نوح عليه السلام قال الحق سبحانه :
﴿ حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور ﴾ [ هود : ٤٠ ].
وحدث الطوفان ؛ ليغرق الكافرين.
وهنا يقول الحق سبحانه :
﴿ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا ﴾ [ هود : ٥٨ ].
يعني : مجيء الأمر بالعذاب للمخالفين لدعوة هود عليه السلام، وقد تحقَّق هذا العذاب بطريقة خاصة ودقيقة ؛ تتناسب في دقتها مع عظمة الآمر بها سبحانه وتعالى.