من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (٥٨) ﴾
ولما جاء أمْرنا بإهلاكِهم نَجَّينَا هوداً والذين آمنوا برحمتنا، ولم يَقْلْ باستحقاقه النجاةَ بوسيلةِ نُبُوته، أو لجسامة طاعته ورسالته بل قال :﴿ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ﴾، ليَعْلَمَ الكافةُ أنَّ الأنبياء- عليهم السلام- ومَنْ دونَهم عتيقُ رحمته، وغريقُ مِنَّتِه، لا لاستحقاقِ أحدٍ ولا لواجب على الله في شيء.
﴿ وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) ﴾
في إنزالِ قصصهم تسلية للرسول - ﷺ وآله - فيما كان يقاسي من العناء، وللمؤمنين فيما بذلوا من حسن البلاء، والعِدَةُ بتبديل- ما كانوا يلقَوْنه من الشِدِّة- بالرجاء.
﴿ وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠) ﴾
أخبر أنهم خسروا الدنيا والآخرة، أمَّا في هذه الدنيا فبالاستئصال بأليم الشدة وما تَبِعَه من اللَّعنة، ثم ما يلقونه في الآخرة من تأبيد العقوبة. وبقاؤهم عن رحمة الله أصعبُ من صنوف كل تلك المحنة، كما قيل :
تَبَدَّلَتْ وتبدلنا واحسرتا... لِمَنْ ابتغى عوضاً لِسَلْمى فَلَمْ يَجِد. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ٢ صـ ١٤٢ ـ ١٤٣﴾


الصفحة التالية
Icon