فصل


قال الثعلبى فى الآيات السابقة :
﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي ﴾
وقد وعدتني أن تنجيني وأهلي ﴿ وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق ﴾ أي الصدق ﴿ وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين ﴾ أي تحكم على قوم بالنجاة وعلى قوم بالهلاك.
﴿ قَالَ يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ﴾ وقرأ أهل الكوفة [ عَمِلَ ] بكسر الميم وفتح اللام، غير بنصب الراء على الفعل ومعناه : إنه عمل الشرك والكفر، وقرأ الباقون عَملٌ بفتح الميم وضمّ اللام وتنوين غير بالرفع ومعناه : إنّ سؤالك إياي أن أنجيه عملٌ غيرُ صالح.
﴿ فَلاَ تَسْئَلْنِ ﴾ يا نوح ﴿ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ بما لا تعلم وقرأ ابن كثير بتشديد النون وفتحه، وقرأ أهل المدينة والشام بتشديد النون وكسره.
﴿ إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين ﴾ واختلفوا في هذا الابن فقال بعضهم : إنه لم يكن ابن نوح، ثم اختلفوا فيه، فقال بعضهم : كان ولد خبث من غيره، ولم يعلم بذلك نوح، فقال الله تعالى : إنه ليس من أهلك أي من ولدك، وهو قول مجاهد والحسن، وقال قتادة : سألت الحسن عنه فقال : والله ما كان بابنه، وقرأ ﴿ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [ التحريم : ١٠ ] فقال : إن الله حكى عنه إنه قال : إن ابني من أهلي، وقال : ونادى نوح ابنه وأنت تقول : لم يكن ابنه، وإن أهل الكتابين لا يختلفون في انه كان ابنه. فقال الحسن : ومن يأخذ دينه من أهل الكتاب، إنهم يكذبون.
وقال ابن جريج : ناداه وهو يحسب أنه ابنه، وكان ولدَ على فراشه، وقال عبيد بن عمير، نرى أن رسول الله ﷺ إنما قضى أن الولد للفراش من أجل ابن نوح، وقال بعضهم : إنه كان ابن امرأته واستدلّوا بقول نوح : إن ابني من أهلي ولم يقل : منّي، وهو قول أبي جعفر الباقر.


الصفحة التالية
Icon