و ﴿ مفترون ﴾ معناه كاذبون أفحش كذب في جعلكم الألوهية لغير الله تعالى، والضمير في قوله :﴿ عليه ﴾ عائد على الدعاء إلى الله تعالى، والمعنى : ما أجرى وجزائي إلا من عند الله، ثم وصفه بقوله ﴿ الذي فطرني ﴾ فجعلها صفة رادة عليهم في عبادتهم الأصنام واعتقادهم أنها تفعل، فجعل الوصف بذلك في درج كلامه، منبهاً على أفعال الله تعالى، وأنه هو الذي يستحق العبادة، و" فطر " معناه اخترع وأنشأ، وقوله :﴿ أفلا تعقلون ﴾ توقيف على مجال القول بأن غير الفاطر إلاه، ويحتمل أن يريد :﴿ أفلا تعقلون ﴾ إذ لم أطلب عرضاً من أعراض الدنيا إني إنما أريد النفع لكم والدار الآخرة ؛ والأول أظهر، و" الاستغفار " طلب المغفرة، وقد يكون ذلك باللسان، وقد يكون بإنابة القلب وطلب الاسترشاد والحرص على وجود المحجة الواضحة، وهذه أحوال يمكن أن تقع من الكفار، فكأنه قال لهم : اطلبوا غفران الله بالإنابة، وطلب الدليل في نبوتي، ثم توبوا بالإيمان من كفركم، فيجيء الترتيب على هذا مستقيماً وإلا احتيج في ترتيب التوبة بعد الاستغفار إلى تحيل كثير فإما أن يكون :﴿ توبوا ﴾ أمراً بالدوام، و" الاستغفار " طلب المغفرة بالإيمان، وإلى هذا ذهب الطبري، وقال أبو المعالي في الإرشاد :" التوبة " في اصطلاح المتكلمين هي الندم، بعد أن قال : إنها في اللغة الرجوع، ثم ركب على هذا أن قال إن الكافر إذا آمن ليس إيمانه توبة وإنما توبته ندمه بعد.


الصفحة التالية
Icon