﴿ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ بمصدّقين ﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بسوء ﴾ يعني لست تتعاطى ما تتعاطاه من مخالفتنا وسبّ آلهتنا إلاّ أن بعض آلهتنا اعتراك وأصابك بسوء، بل جنون، وهذيان، هو الذي يحملك على ما تقول وتفعل، ولا نقول فيك إلاّ هذا ولا نحمل أمرك إلاّ على هذا، فقال لهم هود :﴿ إني أُشْهِدُ الله ﴾ على نفسي ﴿ واشهدوا أَنِّي بريء مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ ﴾ يعني الأوثان ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾ فاحتالوا جميعاً في ضرّي ومكري أنتم وأوثانكم ﴿ ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ ﴾.
قال الضحاك : يحييها ويميتها، قال الفرّاء : مالكها والقادر عليها، قال القتيبي : يقهرها لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته، قال ابن جرير : إنما خصّ الناصية لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنساناً بالذلة والخضوع فيقولون : ما ناصية فلان إلاّ بيد فلان أي إنه مطيع له يصرفه كيف شاء، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا اطلاقه والمنّ عليه جزوا ( ناصيته ) ليغتروا بذلك فخراً عليه، فخاطبهم بما يعرفون في كلامهم.
﴿ إِنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ يقول : إنّ ربي على طريق الحق يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بمعصيته ولا يظلم أحداً غيّاً ولا يقبل إلاّ الإسلام، والقول فيه إضمار أنيّ : إنّ ربي يدلّ أو يحثّ أو يحملكم على صراط مستقيم.