فإن قيل : لم خص الناصية؟ فالجواب : أن الناصية هي شعر مقدَّم الرأس، فإذا أخذت بها من شخص، فقد ملكت سائر بدنه، وذلَّ لك.
قوله تعالى :﴿ إِن ربي على صراط مستقيم ﴾ قال مجاهد : على الحق.
وقال غيره : في الكلام إِضمار، تقديره : إِن ربي يدل على صراط مستقيم.
فإن قيل : ما وجه المناسبة بين قوله :﴿ إِلا هو آخذ بناصيتها ﴾ وبين كونه على صراط مستقيم؟ فعنه جوابان.
أحدهما : أنه لما أخبر أنه آخذ بنواصي الخلق، كان معناه : أنهم لا يخرجون عن قبضته، فأخبر أنه على طريق لا يعدل عنه هارب، ولا يخفي عليه مستتر.
والثاني : أن المعنى : أنه وإِن كان قادراً عليهم، فهو لايظلمهم، ولايريد إِلا العدل، ذكرهما ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ فإِن تولَّوا ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه فعل ماضي، معناه : فإن أعرضوا.
فعلى هذا، في الآية إِضمار، تلخيصه : فإن أعرضوا فقل لهم : قد أبلغتكم، هذا مذهب مقاتل في آخرين.
والثاني : أنه خطاب للحاضرين، وتقديره : فإن تتولَّوا، فاستثقلوا الجمع بين تاءين متحركتين، فاقتُصر على إِحداهما، وأسقطت الأخرى، كما قال النابغة :
المرءُ يَهْوى أَنْ يَعْي...
شَ وطُوْلُ عَيْشٍ قدَ يَضُرُّهْ
تَفْنَى بَشَاَشُتُه ويَبْ...
قَى بَعْد حُلْوِ العَيْشِ مُرُّهْ
وتَصَرَّفُ الأيّامُ حت...
ى ما يَرَى شيئاً يَسُرُّهْ
أراد : وتتصرف الأيام، فأسقط إِحدى التاءين، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى :﴿ ويستخلفُ ربي قوماً غيركم ﴾ فيه وعيد لهم بالهلاك.
﴿ إِن ربي على كل شيء حفيظ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : حفيظ على أعمال العباد حتى يجازيَهم بها.
والثاني : أن "على" بمعنى اللام، فالمعنى : لكل شيء حافظ، فهو يحفظني من أن تنالوني بسوء.
قوله تعالى :﴿ ولما جاء أمرنا ﴾ فيه قولان :
أحدهما : جاء عذابنا، قاله ابن عباس.
والثاني : جاء أمرنا بهلاكهم.
قوله تعالى :﴿ نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمةٍ منَّا ﴾