فيه قولان :
أحدهما : نجيناهم من العذاب بنعمتنا.
والثاني : نجيناهم بأن هديناهم إِلى الإِيمان، وعصمناهم من الكفر، روي القولان عن ابن عباس.
قوله تعالى :﴿ ونجيناهم من عذاب غليظ ﴾ أي : شديد، وهو ما استحقه قوم هود من عذاب الدنيا والآخرة.
قوله تعالى :﴿ وتلك عاد ﴾ يعني القبيلة.
﴿ وعصوا رسله ﴾ لقائل أن يقول : إِنما أُرسل إِليهم هود وحده، فكيف ذُكر بلفظ الجمع؟ فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه قد يذكر لفظ الجمع ويراد به الواحد، كقوله :﴿ أم يحسدون الناس ﴾ [ النساء : ٥٤ ] والمراد به النبي ﷺ وحده.
والثاني : أن من كذَّب رسولاً واحداً فقد كذَّب الكلَّ.
والثالث : أن كل مرة ينذرهم فيها هي رسالة مجدَّدة وهو بها رسول.
قوله تعالى :﴿ واتَّبعوا ﴾ أي : واتبع الأتباع أمر الرؤساء.
والجبار : الذي طال وفات اليد.
وللعلماء في الجبار أربعة أقوال :
أحدها : أنه الذي يقتل على الغضب ويعاقب على الغضب، قاله الكلبي.
والثاني : أنه الذي يجبر الناس على ما يريد، قاله الزجاج.
والثالث : أنه المسلَّط.
والرابع : أنه العظيم في نفسه، المتكبّر على العباد، ذكرهما ابن الأنباري.
والذي ذكرناه يجمع هذه الأقوال، وقد زدنا هذا شرحاً في [ المائدة : ٢٢ ].
وأما العنيد : فهو الذي لا يقبل الحق.
قال ابن قتيبة : العَنود، والعنيد، والعاند : المعارض لك بالخلاف عليك.
قوله تعالى :﴿ وأُتبعوا في هذه الدنيا لعنةً ﴾ أي : أُلحقوا لعنة تنصرف معهم.
﴿ ويوم القيامة ﴾ أي : وفي يوم القيامة لُعنوا أيضاً.
﴿ ألا إِن عاداً كفروا ربهم ﴾ أي : بربهم، فحذف الباء، وأنشدوا :
أَمَرتُكَ الخيرَ فَافْعَلْ مَا أُمِرْتَ بِهِ...
فقد تَركْتُكَ ذَا مَالٍ وَذَا نَشَبِ
قال الزجاج : قوله :"ألا" ابتداء وتنبيه، و"بُعدا" منصوب على معنى : أبعدهم الله فبعدوا بعداً، والمعنى : أبعدهم من رحمته. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon