وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَالُواْ يا هود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ ﴾
أي حجة واضحة.
﴿ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ إصراراً منهم على الكفر.
قوله تعالى :﴿ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعتراك ﴾ أي أصابك.
﴿ بَعْضُ آلِهَتِنَا ﴾ أي أصنامنا.
﴿ بسوء ﴾ أي بجنون لسبِّك إياها، عن ابن عباس وغيره.
يقال : عراه الأمر واعتراه إذا أَلَمَّ به.
ومنه ﴿ وَأَطْعِمُواْ القانع والمعتر ﴾ [ الحج : ٣٦ ].
﴿ قَالَ إني أُشْهِدُ الله ﴾ أي على نفسي.
﴿ واشهدوا ﴾ أي وأشهدكم ؛ لا أنهم كانوا أهل شهادة، ولكنه نهاية للتقرير ؛ أي لتعرفوا ﴿ أَنِّي بريء مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ أي من عبادة الأصنام التي تعبدونها.
﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ﴾ أي أنتم وأوثانكم في عداوتي وضري.
﴿ ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ﴾ أي لا تؤخرون.
وهذا القول مع كثرة الأعداء يدلّ على كمال الثقة بنصر الله تعالى.
وهو من أعلام النبوّة، أن يكون الرسول وحده يقول لقومه :"فَكِيدُونِي جَمِيعاً".
وكذلك قال النبي ﷺ لقريش.
وقال نوح ﷺ :﴿ فأجمعوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُم ﴾ [ يونس : ٧١ ] الآية.
قوله تعالى :﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ ﴾ أي رضيت بحكمه، ووثقت بنصره.
﴿ مَّا مِن دَآبَّةٍ ﴾ أي نفس تدب على الأرض ؛ وهو في موضع رفع بالابتداء.
﴿ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ ﴾ أي يصرفها كيف يشاء، ويمنعها مما يشاء ؛ أي فلا تصلون إلى ضري.
وكل ما فيه رُوح يقال له دابّ ودابّة ؛ والهاء للمبالغة.
وقال الفراء : مالكها، والقادر عليها.
وقال القتبيّ : قاهرها ؛ لأن من أخذتَ بناصيته فقد قهرتَه.
وقال الضحّاك : يحييها ثم يميتها ؛ والمعنى متقارب.
والناصية قُصاص الشّعر في مقدم الرأس.
ونَصوتُ الرجل أَنصوه نَصْواً أي مددت ناصيته.