قوله تعالى ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) ﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما استوفى تشييده أمره وهدم قولهم، أخذ يحذرهم فقال مبيناً أن العدول عما جاء به لا يكون إلا بمعالجة الطبع السليم :﴿فإن تولوا﴾ ولو أدنى تولية - بما يشير إليه حذف التاء، فعليكم اللوم دوني، لأني فعلت ما عليّ ﴿فقد﴾ أي بسبب أني قد ﴿أبلغتكم ما﴾ أي كل شيء ﴿أرسلت﴾ أي تقدم إرسالي من عند من لا مرسل في الحقيقة غيره ﴿به إليكم﴾ كاملاً لم أدع منه شيئاً رجاء لإقبالكم ولا خوفاً من إعراضكم، فأبيتم إلا التكذيب لي والاستكبار عما جئت به، فالذي أرسلني ينتقم منكم فيهلككم ﴿ويستخلف ربي﴾ أي يوجد المحسن إليّ بإقامتي فيما يرضيه ﴿قوماً غيركم﴾ يخلفونكم في دياركم وأموالكم، فتكونون أعداءه، ويكون المستخلفون متعرضين لأن يكونوا أولياء مع كونهم ذوي بأس وقوة فيختص الضرر بكم ﴿ولا تضرونه﴾ أي الله بإعراضكم ﴿شيئاً﴾ ثم علل وعيده لهم بقوله مؤكداً لأن العاصي فاعل بعصيانه فعل من يظن أن الله غافل عنه :﴿إن ربي﴾ أي المحسن إليّ المدبر لمصالحي.


الصفحة التالية
Icon