وقال ابن عطية :
﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ﴾
قوله :﴿ أرأيتم ﴾ هو من رؤية القلب، أي أتدبرتم؟ والشرط الذي بعده وجوابه يسد مسد مفعولي ﴿ أرأيتم ﴾، و" البينة " : البرهان واليقين، والهاء في " بيّنة " للمبالغة، ويحتمل أن تكون هاء تأنيث، و" الرحمة " في هذه الآية : النبوة وما انضاف إليها، وفي الكلام محذوف تقديره أيضرني شككم أو أيمكنني طاعتكم ونحو هذا مما يليق بمعنى الآية.
وقوله ﴿ فما تزيدونني غير تخسير ﴾ معناه : فما تعطونني فيما أقتضيه منكم من الإيمان وأطلبكم به من الإنابة غير تخسير لأنفسكم، وهو من الخسارة، وليس التخسير في هذه الآية إلا لهم وفي حيزهم، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم، كما تقول لمن توصيه : أنا أريد بك خيراً وأنت تريد بي شراً.
فكأن الوجه البيّن ؛ وأنت تزيد شراً ولكن من حيث كنت مريد خير به ومقتضي ذلك - حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك.
وقوله تعالى :﴿ ويا قوم هذه ناقة الله ﴾ الآية، اقتضب في هذه الآية ذكر أول أمر الناقة، وذلك أنه روي أن قومه طلبوا منه آية تضطرهم إلى الإيمان، فأخرج الله، جلت قدرته، لهم الناقة من الجبل، وروي أنهم اقترحوا تعيين خروج الناقة من تلك الصخرة، فروي أن الجبل تمخض كالحامل، وانصدع الحجر، وخرجت منه ناقة بفصيلها، وروي أنها خرجت عشراء، ووضعت بعد خروجها، فوقفهم صالح وقال لهم :﴿ هذه ناقة الله لكم آية ﴾، ونصب ﴿ آية ﴾ على الحال.
وقرأت فرقة " تأكلْ " بالجزم على جواب الأمر، وقرأت فرقة :" تأكلُ " على طريق القطع والاستئناف، أو على أنه الحال من الضمير في ﴿ ذروها ﴾.


الصفحة التالية
Icon