وصورة جدال إبراهيم عليه السلام كانت أن قال إبراهيم : إن كان فيهم مائة مؤمن أتعذبونهم؟ قالوا لا. قال : أفتسعون؟ قالوا لا. قال : أفثمانون؟ فلم يزل كذلك حتى بلغ خمسة ووقف عند ذلك ؛ وقد عد في بيت لوط امرأته فوجدهم ستة بها فطمع في نجاتهم ولم يشعر أنها من الكفرة، وكان ذلك من إبراهيم حرصاً على إيمان تلك الأمة ونجاتها، وقد كثر اختلاف رواة المفسرين لهذه الأعداد في قول إبراهيم عليه السلام، والمعنى كله نحو مما ذكرته، وكذلك ذكروا أن قوم لوط كانوا أربعمائة ألف في خمس قرى.
وقالت فرقة : المراد ﴿ يجادلنا ﴾ في مؤمني قوم لوط - وهذا ضعيف - وأمره بالإعراض عن المجادلة يقتضي أنها إنما كانت في الكفرة حرصاً عليهم، والمعنى : قلنا يا إبراهيم أعرض عن المجادلة في هؤلاء القوم والمراجعة فيهم، فقد نفذ فيهم القضاء، و﴿ جاء أمر ربك ﴾ الأمر هنا : واحد الأمور بقرينة وصفه بالمجيء، فإن جعلناه مصدر أمر قدرنا حذف مضاف، أي جاء مقتضى أمر ربك ونحو هذا ؛ وقوله ﴿ آتيهم عذاب ﴾ ابتداء وخبر ؛ جملة في موضع خبر " إن " وقيل :﴿ آتيهم ﴾ خبر " إن " فهو اسم فاعل معتمد، و﴿ عذاب ﴾ فاعل ب ﴿ آتيهم ﴾.
وهذه الآية مقتضية أن الدعاء إنما هو أن يوفق الله الداعي إلى طلب المقدور، فأما الدعاء في طلب غير المقدور فغير مجد ولا نافع. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon