أنه لما دخلت الملائكة دار لوط عليه السلام مضت امرأته عجوز السوء فقالت لقومه دخل دارنا قوم ما رأيت أحسن وجوهاً ولا أنظف ثياباً ولا أطيب رائحة منهم ﴿فجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾ أي يسرعون، وبين تعالى أن إسراعهم ربما كان لطلب العمل الخبيث بقوله :﴿وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات﴾ نقل أن القوم دخلوا دار لوط وأرادوا أن يدخلوا البيت الذي كان فيه جبريل عليه السلام، فوضع جبريل عليه السلام يده على الباب، فلم يطيقوا فتحه حتى كسروه، فمسح أعينهم بيده فعموا، فقالوا : يا لوط قد أدخلت علينا السحرة وأظهرت الفتنة.
ولأهل اللغة في ﴿يُهْرَعُونَ﴾ قولان :
القول الأول : أن هذا من باب ما جاءت صيغة الفاعل فيه على لفظ المفعول ولا يعرف له فاعل نحو : أولع فلان في الأمر، وأرعد زيد، وزهى عمرو من الزهو.
والقول الثاني : أنه لا يجوز ورود الفاعل على لفظ المفعول، وهذه الأفعال حذف فاعلوها فتأويل أولع زيد أنه أولعه طبعه وأرعد الرجل أرعده غضبه وزهى عمرو معناه جعله ماله زاهياً وأهرع معناه أهرعه خوفه أو حرصه، واختلفوا أيضاً فقال بعضهم : الإهراع هو الإسراع مع الرعدة.
وقال آخرون : هو العدو الشديد.
أما قوله تعالى :﴿قَالَ يَا قَوْمٌ هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ ففيه قولان : قال قتادة : المراد بناته لصلبه.
وقال مجاهد وسعيد بن جبير : المراد نساء أمته ؛ لأنهن في أنفسهن بنات ولهن إضافة إليه بالمتابعة وقبول الدعوة.
قال أهل النحو : يكفي في حسن الإضافة أدنى سبب، لأنه كان نبياً لهم فكان كالأب لهم.


الصفحة التالية
Icon