قال تعالى :﴿وأزواجه أمهاتهم﴾ [ الأحزاب : ٦ ] وهو أب لهم وهذا القول عندي هو المختار، ويدل عليه وجوه : الأول : أن إقدام الإنسان على عرض بناته على الأوباش والفجار أمر متبعد لا يليق بأهل المروءة فكيف بأكابر الأنبياء ؟ الثاني : وهو أنه قال :﴿هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ فبناته اللواتي من صلبه لا تكفي للجمع العظيم.
أما نساء أمته ففيهن كفاية للكل.
الثالث : أنه صحت الرواية أنه كان له بنتان، وهما : زنتا، وزعوراً، وإطلاق لفظ البنات على البنتين لا يجوز لما ثبت أن أقل الجمع ثلاثة، فأما القائلون بالقول الأول فقد اتفقوا على أنه عليه السلام ما دعا القوم إلى الزنا بالنسوان بل المراد أنه دعاهم إلى التزوج بهن، وفيه قولان : أحدهما : أنه دعاهم إلى التزوج بهن بشرط أن يقدموا الإيمان.
والثاني : أنه كان يجوز تزويج المؤمنة من الكافر في شريعته، وهكذا كان في أول الإسلام بدليل أنه عليه السلام زوج ابنته زينب من أبي العاص بن الربيع وكان مشركاً وزوج ابنته من عتبة بن أبي لهب ثم نسخ ذلك بقوله :
﴿وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ] وبقوله :﴿وَلاَ تُنكِحُواْ المشركين حتى يُؤْمِنُواْ﴾ [ البقرة : ٢٢١ ] واختلفوا أيضاً، فقال الأكثرون : كان له بنتان، وعلى هذا التقدير ذكر الاثنتين بلفظ الجمع، كما في قوله :﴿فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ [ النساء : ١١ ] ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [ التحريم : ٤ ] وقيل : إنهن كن أكثر من اثنتين.
أما قوله تعالى :﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :