ظاهر قوله :﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ يقتضي كون العمل الذي يطلبونه طاهراً ومعلوم أنه فاسد ولأنه لا طهارة في نكاح الرجل، بل هذا جار مجرى قولنا : الله أكبر، والمراد أنه كبير ولقوله تعالى :﴿أذلك خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم﴾ [ الصافات : ٦٢ ] ولاخير فيها ولما قال أبو سفيان : اعل أحداً واعل هبل قال النبي :" الله أعلى وأجل " ولامقاربة بين الله وبين الصنم.
المسألة الثانية :
روي عن عبد الملك بن مروان والحسن وعيسى بن عمر أنهم قرؤا ﴿هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ بالنصب على الحال كما ذكرنا في قوله تعالى :﴿وهذا بَعْلِى شَيْخًا﴾ [ هود : ٧٢ ] إلا أن أكثر النحويين اتفقوا على أنه خطأ قالوا لو قرىء ﴿هَؤُلاء بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ﴾ كان هذا نظير قوله :﴿وهذا بَعْلِى شَيْخًا﴾ إلا أن كلمة "هن" قد وقعت في البين وذلك يمنع من جعل أطهر حالاً وطولوا فيه، ثم قال :﴿فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِى ضَيْفِى﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ أبو عمرو ونافع ولا تخزوني بإثبات الياء على الأصل، والباقون بحذفها للتخفيف ودلالة الكسر عليه.
المسألة الثانية :
في لفظ ﴿لا تخزوني﴾ وجهان : الأول : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تفضحوني في أضيافي، يريد أنهم إذا هجموا على أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحة.
والثاني : لا تخزوني في ضيفي أي لا تخجلوني فيهم، لأن مضيف الضيف يلزمه الخجالة من كل فعل قبيح يوصل إلى الضيف يقال : خزي الرجل إذا استحيا.
المسألة الثالثة :
الضيف ههنا قائم مقام الأضياف، كما قام الطفل مقام الأطفال.
في قوله تعالى :﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ﴾ [ النور : ٣١ ] ويجوز أن يكون الضيف مصدراً فيستغنى عن جمعه كما يقال : رجال صوم.
ثم قال :﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ﴾ وفيه قولان : الأول :﴿رَّشِيدٌ﴾ بمعنى مرشد أي يقول الحق ويرد هؤلاء الأوباش عن أضيافي.


الصفحة التالية
Icon