والثاني : رشيد بمعنى مرشد، والمعنى : أليس فيكم رجل أرشده الله تعالى إلى الصلاح.
وأسعده بالسداد والرشاد حتى يمنع عن هذا العمل القبيح، والأول أولى.
ثم قال تعالى :﴿قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ﴾ وفيه وجوه : الأول : مالنا في بناتك من حاجة ولا شهوة، والتقدير أن من احتاج إلى شيء فكأنه حصل له فيه نوع حق، فلهذا السبب جعل نفي الحق كناية عن نفي الحاجة.
الثاني : أن نجري اللفظ على ظاهره فنقول : معناه إنهن لسن لنا بأزواج ولا حق لنا فيهن ألبتة.
ولا يميل أيضاً طبعنا إليهن فكيف قيامهن مقام العمل الذي نريده وهو إشارة إلى العمل الخبيث.
الثالث :﴿مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ﴾ لأنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان ونحن لا نجيبك إلى ذلك فلا يكون لنا فيهن حق.
ثم إنه تعالى حكى عن لوط أنه عند سماع هذا الكلام قال :﴿لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
جواب "لو" محذوف لدلالة الكلام عليه والتقدير : لمنعتكم ولبالغت في دفعكم ونظيره قوله تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّ قرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجبال﴾ [ الرعد : ٣١ ] وقوله :﴿وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار﴾ [ الأنعام : ٢٧ ] قال الواحدي وحذف الجواب ههنا لأن الوهم يذهب إلى أنواع كثيرة من المنع والدفع.
المسألة الثانية :
﴿لَوْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً﴾ أي لو أن لي ما أتقوى به عليكم وتسمية موجب القوة بالقوة جائز قال الله تعالى :﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مّن قُوَّةٍ وَمِن رّبَاطِ الخيل﴾ [ الأنفال : ٦٠ ] والمراد السلاح، وقال آخرون القدرة على دفعهم، وقوله :﴿أَوْ آوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ المراد منه الموضع الحصين المنيع تشبيهاً له بالركن الشديد من الجبل.
فإن قيل : ما الوجه ههنا في عطف الفعل على الاسم ؟