واختلفوا أي وقت قال هذا لوط ؛ فروي عن ابن عباس أن لوطاً كان قد أغلق بابه والملائكة معه في الدار، وهو يناظرهم ويناشدهم وراء الباب، وهم يعالجون الباب ويرومون تسوّر الجدار ؛ فلما رأت الملائكة ما يلقى من الكرب، قالوا : يالوط إِنا رسل ربك، فافتح الباب ودعنا وإِياهم ؛ ففتح الباب، فدخلوا، واستأذن جبريل ربه في عقوبتهم، فأذن له، فضرب بجناحه وجوههم فأعماهم، فانصرفوا يقولون : النجاءَ النجاءَ، فإن في بيت لوط أسحر قوم في الأرض ؛ وجعلوا يقولون : يالوط، كما أنت حتى تصبح، يوعدونه ؛ فقال لهم لوط : متى موعد هلاكهم؟ قالوا : الصبح، قال لو أهلكتموهم الآن، فقالوا : أليس الصبح بقريب؟ وقال أبو صالح عن ابن عباس : إِنهم لما تواعدوه، قال في نفسه : ينطلق هؤلاء القوم غداً من عندي، وأبقى مع هؤلاء فيهلكوني، فقال : لو أن لي بكم قوة.
قلت : وإِنما يتوجه هذا إِذا قلنا : إِنه كان قبل علمه أنهم ملائكة.
وقال قوم : إِنه إِنما قال هذا لما كسروا بابه وهجموا عليه.
وقال آخرون : لما نهاهم عن أضيافه فأبَوْا قال هذا.
وفي الجملة، ما أراد بالركن نصر الله وعونه، لأنه لم يخل من ذلك، وإِنما ذهب إِلى العشيرة والأسرة.
وروى أبو هريرة عن رسول الله أنه قال :" رحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إِلى ركن شديد، وما بعث الله نبياً بعده إِلا في ثروة من قومه ".
قوله تعالى :﴿ لن يصلوا إِليك ﴾ قال مقاتل : فيه إِضمار، تقديره : لن يصلوا إِليك بسوء، وذلك أنهم قالوا للوط : إِنا نرى معك رجالاً سحروا أبصارنا، فستعلم غداً ما تَلْقى أنت وأهلُك ؛ فقال له جبريل :﴿ إِنا رسل ربك لن يصلوا إِليك ﴾.
قوله تعالى :﴿ فأسر بأهلك ﴾ قرأ عاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي "فأسر" باثبات الهمز في اللفظ من أسريت.
وقر أ ابن كثير، ونافع "فاسر بأهلك" بغير همز من سريت، وهما لغتان.