قال الزجاج : يقال : سريت، وأسريت : إِذا سرت ليلاً، قال الشاعر :
سريت بهم حتى تكلَّ مَطيُّهم...
وحتى الجيادُ ما يُقَدْنَ بأرسان
وقال النابغة :
أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ...
تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيْهِ جَامِدَ الْبَرَدِ
وقد رووه : سرت.
فأما أهله، فقال مقاتل : هم امرأته وابنتاه.
واسم ابنتيه : رُبْثا وزُعَرثا.
وقال السدي : اسم الكبرى : ريَّة، واسم الصغرى : عروبة.
والمراد بأهله : ابنتاه.
فأما القِطْع، فهو بمعنى القطعة ؛ يقال : مضى قِطْع من الليل، أي : قطعة.
قال ابن عباس : يريد به : آخر الليل.
وقال ابن قتيبة :"بقِطْع" أي : ببقية تبقى من آخره.
وقال ابن الأنباري : ذكر القِطَع بمعنى القطعة مختص بالليل، ولا يقال : عندي قِطْع من الثوب، بمعنى : عندي قطعة.
قوله تعالى :﴿ ولا يلتفت منكم أحد ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أنه بمعنى : لا يتخلَّفْ منكم أحد، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : أنه الالتفات المعروف، قاله مجاهد، ومقاتل.
قوله تعالى :﴿ إِلا امرأتك ﴾ قرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بنصب التاء.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن جمّاز عن أبي جعفر برفع التاء.
قال الزجاج : من قرأ بالنصب، فالمعنى : فأسر بأهلك إِلا امرأتكَ.
ومن قرأ بالرفع، حمله على "ولا يلتفتْ منكم أحد إِلا امرأتك".
وإِنما أُمروا بترك الالتفات لئلا يَرَوْا عظيم ما ينزل بهم من العذاب.
قال ابن الأنباري : وعلى قراءة الرفع، يكون الاستثناء منقطعاً، معناه : لكن امرأتك، فإنها تلتفت فيصيبها ما أصابهم ؛ فإذا كان استثناءً منقطعاً، كان التفاتُها معصيةً لربها، لأنه ندب إِلى ترك الالتفات.
قال قتادة : ذُكر لنا أنها كانت مع لوط حين خرج من القرية، فلما سمعت هَدّة العذاب، التفتت فقالت : واقوماه، فأصابها حجر فأهلكها، وهو قوله :﴿ إِنه مصيبُها ما أصابهم إِن موعدهم ﴾ للعذاب ( الصبح ).


الصفحة التالية
Icon