﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيْءَ بِهِمُ ﴾ ساءه مجيئهم لأنهم جاؤوه في صورة غلمان فظن أنهم أناس فخاف عليهم أن يقصدهم قومه فيعجز عن مدافعتهم. ﴿ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا ﴾ وضاق بمكانهم صدره، وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه. ﴿ وَقَالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ شديد من عصبه إذا شده.
﴿ وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ يسرعون إليه كأنهم يدفعون دفعاً لطلب الفاحشة من أضيافه. ﴿ وَمِن قَبْلُ ﴾ أي ومن قبل ذلك الوقت. ﴿ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السيئات ﴾ الفواحش فتمرنوا بها ولم يستحيوا منها حتى جاؤوا يهرعون لها مجاهرين. ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ هؤلاء بَنَاتِى ﴾ فدى بهن أضيافه كرماً وحمية، والمعنى هؤلاء بناتي فتزوجوهن، وكانوا يطلبونهن قبل فلا يجيبهم لخبثهم وعدم كفاءتهم لا لحرمة المسلمات على الكفار فإنه شرع طارىء أو مبالغة في تناهي خبث ما يرومونه حتى إن ذلك أهون منه، أو إظهاراً لشدة امتعاضه من ذلك كي يرقوا له.
وقيل المراد بالبنات نساؤهم فإن كل نبي أبو أمته من حيث الشفقة والتربية وفي حرف ابن مسعود ﴿ وأزواجه أمهاتهم ﴾ وهو أب لهم ﴿ هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ أنظف فعلاً وأقل فحشاً كقولك : الميتة أطيب من المغصوب وأحل منه. وقرىء ﴿ أَطْهَرُ ﴾ بالنصب على الحال على أن هن خبر بناتي كقولك : هذا أخي هو الأفضل فإنه لا يقع بين الحال وصاحبها. ﴿ فاتقوا الله ﴾ بترك الفواحش أو بإيثارهن عليهم. ﴿ وَلاَ تُخْزُونِ ﴾ ولا تفضحوني من الخزي، أو ولا تخجلوني من الخزاية بمعنى الحياء. ﴿ فِى ضَيْفِى ﴾ في شأنهم فإن إخزاء ضيف الرجل إخزاؤه. ﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾ يهتدي إلى الحق ويرعوي عن القبيح.
﴿ قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِى بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ ﴾ من حاجة ﴿ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ ﴾ وهو إتيان الذكران.