وقال الإمام نظام الدين النيسابورى فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) ﴾
إلى قوله تعالى :
﴿ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣) ﴾
التفسير : الرسل ههنا الملائكة، وأجمعوا على أن الأصل فيهم جبرائيل، ثم اختلفوا فقيل : كان معه اثناء عشر ملكاً على أحسن ما يكون من صورة الغلمان. وقال الضحاك : كانوا تسعة. وقال ابن عباس : كانوا ثلاثة جبرائيل وميكائيل وإسرائفيل وهم الذين ذكر الله تعالى في سورة الحجر ﴿ ونبئهم عن ضيف إبراهيم ﴾ [ الآية : ٥١ ] وفي الذاريات ﴿ هل أتاك حديث إبراهيم ﴾ [ الآية : ٢٤ ] والظاهر أن البشرى هي البشارة بالولد. وقيل : بهلاك قوم لوط. ومعنى ﴿ سلاماً ﴾ سلمنا عليك. ومعنى ﴿ سلام ﴾ أمركم سلام أو سلام عليكم. ولأن الرفع يدل على الثبات والاستقرار، والنصب يدل على الحدوث لمكان تقدير الفعل. قال العلماء : إن سلام إبراهيم كان أحسن اقتداء بقوله تعالى :﴿ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحس منها ﴾ [ النساء : ٨٦ ] وإنما صح وقوع ﴿ سلام ﴾ مبتدأ مع كونه نكرة لتخصصها بالإِضافة إلى المتكلم إذ أصله سلمت سلاماً فعدل إلى الرفع لإفادة الثبات. ومن قرأ ﴿ سلماً ﴾ فمعناه السلام أيضاً. قال الفراء. سلم وسلام كحل وحلال وحرم وحرام. وقال أبو علي الفارسي : يحتمل أن يراد بالسلم خلاف الحرب. قالوا : مكث إبراهيم خمس عشرة ليلة لا يأتيه ضيف فاغتم لذلك فجاءته الملائكة فرأى أضيافاً لم ير مثلهم فما لبث ﴿ أن جاء ﴾ أي فما لبث في أن جاء بل عجل أو فما لبث مجيئه ﴿ بعجل ﴾ هو ولد البقرة ﴿ حنيذ ﴾ مشوي في حرفة من الأرض بالحجارة المحماة وهو من فعل أهل البادية معروف. ومعناه محنوذ كطبيخ بمعنى مطبوخ.


الصفحة التالية
Icon