وإبراهيم يدرك ما وراء إرسال الملائكة إلى قوم لوط! ولكن حدث في هذه اللحظة ما غير مجرى الحديث :
﴿ وامرأته قائمة فضحكت ﴾..
وربما كان ضحكها ابتهاجاً بهلاك القوم الملوثين :
﴿ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ﴾..
وكانت عقيماً لم تلد وقد أصبحت عجوزاً. ففاجأتها البشرى بإسحاق. وهي بشرى مضاعفة بأن سيكون لإسحاق عقب من بعده هو يعقوب. والمرأة وبخاصة العقيم يهتز كيانها كله لمثل هذه البشرى، والمفاجأة بها تهزها وتربكها :
﴿ قالت : يا ويلتا! أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً؟ إن هذا لشيء عجيب ﴾..
وهو عجيب حقاً. فالمرأة ينقطع طمثها عادة في سن معينة فلا تحمل. ولكن لا شيء بالقياس إلى قدرة الله عجيب :
﴿ قالوا : أتعجبين من أمر الله؟ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت. إنه حميد مجيد ﴾..
ولا عجب من أمر الله. فالعادة حين تجري بأمر لا يكون معنى هذا أنها سنة لا تتبدل.
وعندما يشاء الله لحكمة يريدها وهي هنا رحمته بأهل هذا البيت وبركاته الموعودة للمؤمنين فيه يقع ما يخالف العادة، مع وقوعه وفق السنة الإلهية التي لا نعلم حدودها، ولا نحكم عليها بما تجري به العادة في أمد هوعلى كل حال محدود، ونحن لا نستقرئ جميع الحوادث في الوجود.
والذين يقيدون مشيئة الله بما يعرفونه هم من نواميسه لا يعرفون حقيقة الألوهية كما يقررها الله سبحانه في كتابه وقوله الفصل وليس للعقل البشري قول في ذلك القول وحتى الذين يقيدون مشيئة الله بما يقرر الله سبحانه أنه ناموسه لا يدركون حقيقة الألوهية كذلك! فمشيئة الله سبحانه طليقة وراء ما قرره الله سبحانه من نواميس. ولا تتقيد هذه المشيئة بالنواميس.