ثم قال :﴿وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَاءهُمْ﴾ والبخس هو النقص في كل الأشياء، وقد ذكرنا أن الآية الأولى دلت على المنع من النقص في المكيال والميزان، وهذه الآية دلت على المنع من النقص في كل الاْشياء.
ثم قال :﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ ﴾.
فإن قيل : العثو الفساد التام فقوله :﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ﴾ جار مجرى أن يقال : ولا تفسدوا في الأرض مفسدين.
قلنا : فيه وجوه : الأول : أن من سعى في إيصال الضرر إلى الغير فقد حمل ذلك الغير على السعي إلى إيصال الضرر إليه فقوله :﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ﴾ معناه ولا تسعوا في إفساد مصالح الغير فإن ذلك في الحقيقة سعي منكم في إفساد مصالح أنفسكم.
والثاني : أن يكون المراد من قوله :﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ﴾ مصالح دنياكم وآخرتكم.
والثالث : ولا تعثوا في الأرض مفسدين مصالح الأديان.
ثم قال :﴿بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ قرىء تقية الله وهي تقواه ومراقبته التي تصرف عن المعاصي.