وإياك أن تستدرك من البشر حكماً على الله سبحانه وتعالى، وتظلم نفسك وتقول :" لقد فات الله أن يقول لنا هذا الحكم، ولنأتي لأنفسنا بحكم جديد ".
إياك أن تستدرك حكماً على الله. افهم الحكم أولاً، فإن جاء حكماً محكماً فخذه، وإنْ كان غير محكم بأن جاء مجملاً، أو غير مبيَّن، فانظر باجتهادك إلى أية جهة تصل.
ولذلك " نجد رسول الله ﷺ يسأل من أرسله مبعوثاً إلى اليمن فقال :" كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال : أقضي بما في كتاب الله. قال فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال : فبسنة رسول الله ﷺ. قال : فإن لم يكن في سنة رسول الله ﷺ ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو، قال : فضرب رسول الله ﷺ على صدري ثم قال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ﷺ لما يرضي رسول الله ﷺ ".
وبعد أن دعا شعيب عليه السلام آل مدين لعبادة الله سبحانه وحده، وهذا هو الأمر المشترك بين جميع الرسل عليه السلام تأتي الأحكام الأخرى، فمن يعمل فاحشة له علاجه، ومن ينقص في الكيل والميزان، فالرسول يعالج هذا الأمر.
لأن العالم القديم كان عالم انعزال، لا التحام فيه أو مواصلة ؛ فقد يوجد عيب وآفة في مكان، ولا يوجد هذا العيب أو تلك الآفة في مكان آخر.
وكل رسول يأتي ليعالج عيباً محدداً في المكان الذي أرسله الله إليه، ولكن رسول الله محمداً ﷺ جاء وهو الرحمة المهداة للجميع وخاتم الأنبياء والمرسلين جاء ﷺ والدنيا على ميعاد بالالتقاء الإيماني، فلما تقاربت البلاد عن طريق سرعة الاتصالات، وما يحدث في عصرنا الآن بقارة أمريكا نجده عندنا في نفس اليوم أو غداً، فالعالم الآن عالم التقاء، وتعددت الداءات فيه وتوحدت بسبب سرعة الالتقاء عن طريق عدم التمييز بين الخبيث والطيب.


الصفحة التالية
Icon