أي : ما يبقى لكم من الأمر الحلال خير لكم ؛ لأن من يأخذ غير حقه يخطىء ؛ لأنه يزيل البركة عن الحلال بالحرام ؛ فمن يأخذ غير حقه يسلط الله عليه أبواباً تنهب منه الزائد عن حقه.
وأنت تسمع من يقول :" فلان هذا إنما يحيا في بركة "، أي : أن دخله قليل، ولكن حالته طيبة، ويربي أولاده بيسر، على عكس إنسان آخر قد يكون غنيّاً من غير حلال، لكنه يحيا في ضنك العيش.
وقد تجد هذا الإنسان قد انفتحت عليه مصارف الدنيا فلا يكفي ماله لصد همومه، لأن الله سبحانه قد جَرَّأ عليه مصارف سوء متعددة.
وقد يستطيع الإنسان أن يخدع غيره من الناس، ولكنه لن يستطيع أن يخدع ربه أبداً.
وقول الحق سبحانه :
﴿ بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ [ هود : ٨٦ ].
أي : أن الله تعالى يُذهِب عمن يراعي حقوق غيره مصارف السوء.
وسبق أن قلنا قديماً : فلننظر إلى رزق السلب لا إلى رزق الإيجاب ؛ لأن الناس في غالبيتها تنظر إلى رزق الإيجاب، بمعنى البحث عن المال الكثير، وينسون أن الحق سبحانه وتعالى قد يسلط مصارف السوء على صاحب المال الكثير الذي جمعه من غير حق، بينما يسلب عن الذي يرعى حقوق الناس تلك المصارف من السوء.
ومن يُربُّون أولادهم من سُحْت أو حرام، لا يبارك الله فيهم ؛ لأن هناك في تكوينهم شيئاً حراماً. فنجد على سبيل المثال ابن المرتشي يأخذ دروساً خصوصية ويرسب، بينما ابن المنضبط والملتزم بتحصيل الكسب الحلال مقبل على العلم وناجح. أو قد يرزق الله تعالى صاحب المال الحرام زوجة لا يرضيها أي شيء، بل تطمع في المزيد دائماً، بينما يعطي الله سبحانه من يرعى حقوق الناس زوجة تقدر كل ما يفعله.
يقول الحق سبحانه :
﴿ بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [ هود : ٨٦ ].
أي : إن كنتم مؤمنين بأن الله تعالى رقيب، وأنه سبحانه قيُّوم ؛ فلا تأخذ حقّاً غير حقك ؛ لأنك لن تستغل إلا نفسك ؛ لأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليك.


الصفحة التالية
Icon