وقال ابن عطية :
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴾
" الآيات " : العلامات، و" السلطان " : البرهان والبيان في الحجة ؛ قيل : هو مشتق من السليط الذي يستضاء به، وقيل : من أنه مسلط على كل مناو ومخاصم، و" الملأ " : الجمع من الرجال والمعنى : أرسلناه إليهم ليؤمنوا بالله تعالى، فصدهم فرعون فاتبعوا أمره ولم يؤمنوا وكفروا، ثم أخبر تعالى عن أمر فرعون أنه ليس ﴿ برشيد ﴾ أي ليس بمصيب في مذهبه ولا مفارق للسفاهة.
وقوله :﴿ يقدم قومه يوم القيامة ﴾ الآية، أخبر الله تعالى في هذه الآية عن فرعون أنه يأتي يوم القيامة مع قومه المغرقين معه، وهو يقدمهم إلى النار : وأوقع الفعل الماضي في ﴿ أوردهم ﴾ موقع المستقبل، لوضوح الأمر وارتفاع الإشكال عنه، ووجه الفصاحة من العرب في أنها تضع أحياناً الماضي موضع المستقبل أن الماضي أدل على وقوع الفعل وحصوله، و" الورود " في هذه الآية هو ورود الدخول وليس بورود الإشراف على الشيء والإشفاء كقوله تعالى :﴿ ولما ورد ماء مدين ﴾ [ القصص : ٢٣ ] وقال ابن عباس : في القرآن أربعة أوراد :﴿ وإن منكم إلا واردها ﴾ [ مريم : ٧١ ] وقوله :﴿ ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً ﴾ [ مريم : ٨٦ ] وهذه في مريم، وفي الأنبياء :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ [ الأنبياء : ٩٨ ] قال : وهي كلها ورد دخول، ثم ينجي الله الذين اتقوا و﴿ المورود ﴾ صفة لمكان الورد - على أن التقدير :﴿ وبئس ﴾ مكان ﴿ الورد المورود ﴾ - وقيل :﴿ المورود ﴾ ابتداء والخبر مقدم، والمعنى : المورود بئس الورد.


الصفحة التالية
Icon