يوقعون العبادة على وجه الاستمرار ﴿إلاّ كما يعبد آباؤهم﴾ ولما كانت عبادتهم في قليل من الزمن الماضي أدخل الجار فقال :﴿من قبل﴾ أي أنهم لم يفعلوا ذلك لشبهة إذا كشف عنها القناع رجعوا، بل لمحض تقليد الآباء مع استحضارهم لتلبسهم بالعبادة كأنهم حاضرون لديهم يشاهدونهم مع العمى عن النظر في الدلائل والحجج كما كان من قصصنا عليك أخبارهم من الأمم في تقليد الآباء سواء بسواء مع عظيم شكيمتهم وشدة عصبتهم للأجانب فكيف بالأقارب فكيف بالآباء! فأقم عليهم الحجة بإبلاغ جميع ما نأمرك به كما فعل من قصصنا عليك أنباءهم من إخوانك من الرسل غير مخطر في البال شيئاً مما قد يترتب عليه إلى أن ينفذ ما نريد من أوامرنا كما سبق في العلم فلا تستعجل فإنا ندبر الأمر في سفول شأنهم وعلو شأنك كما نريد ﴿وإنا﴾ بما لنا من العظمة ﴿لموفوهم نصيبهم﴾ من الخير والشر من الآجال وغيرها وما هو ثابت ثباتاً لا يفارق أصلاً ؛ ولما كانت التوفية قد تطلق على مجرد الإعطاء وقد يكون ذلك على التقريب، نفى هذا الاحتمال بقوله :﴿غير منقوص﴾ والنصيب : القسم المجعول لصاحبه كالحظ ؛ والمنقوص : المقدار المأخوذ جزء منه ؛ والنقص : أخذ جزء من المقدار. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٥٧٩ ـ ٥٨٢﴾


الصفحة التالية