﴿ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ].
وهذا القول في الأوامر، أما في النواهي فقد قال سبحانه :
﴿ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ].
أي : أن تبتعد عنها تماماً.
ويقول رسول الله ﷺ :" من وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه ".
وحين ينهانا الحق سبحانه عن الاقتراب من شيء فهذه هي استقامة الاحتياط، وهي قد تسمح لك بأن تدخل في التحريم ما ليس داخلاً فيه، فمثلاً عند تحريم الخمر، جاء الأمر باجتنابها أي : الابتعاد عن كل ما يتعلق بالخمر حتى لا يجتمع المسلم هو والخمر في مكان.
وجعل الحق سبحانه أيضاً الاستقامة في مسائل الطاعة، وهو سبحانه يقول :
﴿ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تسرفوا ﴾
[ الأنعام : ١٤١ ].
والنهي عن الإسراف هنا ؛ ليعصمنا الحق سبحانه من لحظة نتذكر فيها كثرة ما حصدنا، ولكننا لا نجد ما نقيم به الأود فقد يسرف الإنسان لحظة الحصاد لكثرة ما عنده، ثم تأتي له ظروف صعبة فيقول :" يا ليتني لم أُعْطِ ". وهكذا يعصمنا الحق سبحانه من هذا الموقف.
ويقول رسول الله ﷺ :" سدِّدوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل " ؛ لأن الدين قوي متين، و " لن يشاد الدين أحد إلا غلبه ".
وهكذا نجد الحق سبحانه ونجد رسوله ﷺ أعلم بنا، والله لا يريد منا عدم الطغيان من ناحية المحرمات فقط، بل من ناحية الحلِّ أيضاً، فيوصينا سبحانه بالرفق واللين والهوادة، وأن يجعل الإنسان لنفسه مُكْنة الاختيار.
ومثال ذلك : أن يلزم الإنسان نفسه بعشرين ركعة كل ليلة، وهو يلزم نفسه بذلك نذراً لله تعالى في ساعة صفاء، لكنه حين يبدأ في مزوالة ذلك القدر يكتشف صعوبته، فتكرهه نفسه.