" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ﴾
قوله تعالى :﴿ فاختلف فِيهِ ﴾ : أي في الكتاب، و " في " على بابها من الظرفية، وهو هنا مجاز، أي : في شأنه. وقيل : هي سببية، أي : هو سببُ اختلافهم، كقوله تعالى :﴿ يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ﴾ [ الشورى : ١١ ]، أي : يُكَثِّركم بسببه. وقيل : هي بمعنى على، ويكون الضمير لموسى عليه السلام، أي : فاخْتُلِف عليه.
و" مُرِيْب " مِنْ أراب إذا حَصَلَ الرَّيْب لغيره، أو صار هو في نفسه ذا رَيْب، وقد تقدم.
قوله تعالى :﴿ وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ ﴾ : هذه الآيةُ الكريمة مما تَكَلَّم الناسُ فيها قديماً وحديثاً، وعَسُر على أكثرِهم تلخيصُها قراءةً وتخريجاً، وقد سَهَّل اللَّه تعالى، فذكرْتُ أقاويلهم وما هو الراجحُ منها.
فقرأ نافع وابن كثير وأبو بكر عن عاصم :" وإنْ " بالتخفيف، والباقون بالتشديد. وأمَّا " لمَّا " فقرأها مشددةً هنا وفي يس، وفي سورة الزخرف، وفي سورة السمآء والطارق، ابنُ عامر وعاصمٌ وحمزةُ، إلا أن عن ابن عامر في الزخرف خلافاً : فروى عنه هشامٌ وجهين، وروى عنه ابن ذكوان التخفيفَ فقط، والباقون قرؤوا جميع ذلك بالتخفيف. وتلخص من هذا : أنَّ نافعاً وابن كثير قرآ :" وإنْ " و " لَمَا " مخففتين، وأنَّ أبا بكر عن عاصم خَفَّفَ " إنَّ " وثَقَّل " لمَّا "، وأن ابن عامر وحمزة وحفصاً عن عاصم شددوا " إنَّ " و " لمَّا " معاً، وأن أبا عمرو والكسائي شدَّدا " إنَّ " وخَفَّفا " لَمَّا ". فهذه أربعُ مراتب للقراء في هذين الحرفين.


الصفحة التالية
Icon