وأمَّا قراءةُ أبي بكر ففيها أوجه/، أحدها : ما ذهب إليه الفراء وجماعة من نحاة البصرة والكوفة، وهو أن الأصل : لَمِنْ ما، بكسر الميم على أنها مِنْ الجارة دخلت على " ما " الموصولة " أو الموصوفة كما تقرَّر، أي : لَمِنَ الذين واللَّهِ ليوفِّيَنَّهم، أو لَمِنْ خَلْقٍ واللَّهِ ليوفِّينَّهم، فلمَّا اجتمعت النونُ ساكنةً قبل ميم " ما " وجب إدغامُها فيها فقُلِبَتْ ميماً، وأُدْغمت فصار في اللفظ ثلاثةُ أمثال، فخُفِّفَتْ الكلمةُ بحذف إحداها فصار اللفظُ كما ترى " لمَّا ". قال نصر ابن علي الشيرازي :" وَصَلَ " مِنْ " الجارة ب " ما " فانقلبت النون أيضاً ميماً للإِدغام، فاجتمعت ثلاث ميمات فَحُذِفت إحداهن، فبقي " لمَّا " بالتشديد ". قال : و " ما " هنا بمعنى " مَنْ " وهو اسم لجماعة الناس كما قال تعالى :﴿ فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء ﴾ أي مَنْ طاب، والمعنى : وإنْ كلاً مِن الذين ليوفِّينَّهم ربُّك أعمالهم، أو جماعة ليوفِّيَنَّهم ربُّك أعمالَهم ".
وقد عَيَّن المهدويُّ الميمَ المحذوفة فقال :" حُذِفت الميمُ المكسورة، والتقدير، لَمِنْ خلقٍ ليوفِّيَنَّهم ".