الثامن : قال الزجاج :" قال بعضهم قولاً ولا يجوزُ غيرُه :" إنَّ " لمَّا " في معنى إلا، مثل ﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [ الطارق : ٤ ] ثم أَتْبَع ذلك بكلام طويل مشكل حاصِلُه يَرْجِع إلى أن معنى " إنْ زيدٌ لمنطلق " : ما زيد إلا منطلق، فَأَجْرَيْتَ المشددة كذلك في هذا المعنى إذا كانت اللام في خبرها، وعملُها النصبَ في اسمها باقٍ بحاله مشددةً ومخففةً، والمعنى نفيٌ ب " إنْ " وإثباتٌ باللام التي بمعنى إلا، ولَمَّا بمعنى إلا ".
قلت : قد تقدَّم إنكارُ أبي علي على جوازِ " إلا " في مثلِ هذا التركيب فكيف يجوز " لمَّا " التي بمعناها؟
وأمَّا قراءةُ ابنِ عامر وحمزة وحفص ففيها وجوه، أحدها : أنها " إنَّ " المشددةَ على حالها، فلذلك نُصب ما بعدها على أنه اسمُها، وأمَّا " لمَّا " فالكلامُ فيها كما تقدم مِنْ أنَّ الأصلَ " لَمِنْ ما " بالكسر أو " لَمَنْ ما " بالفتح، وجميعُ تلك الأوجهِ التي ذكرْتُها تعودُ ههنا. والقولُ بكونها بمعنى " إلا " مُشْكِلٌ كما تقدَّم تحريرُه عن أبي علي هنا.
الثاني : قال المازنيٌّ :" إنَّ " هي المخففة ثُقِّلَتْ، وهي نافيةٌ بمعنى " ما " كما خُفِّفَتْ " إنَّ " ومعناها المثقلة و " لَمَّا " بمعنى " إلا ". وهذا قولٌ ساقطٌ جداً لا اعتبارَ به، لأنه لم يُعْهَدْ تثقيلُ " إنْ " النافية، وأيضاً ف " كلاً " بعدها منصوبٌ، والنافيةُ لا/ تَنْصِبُ.


الصفحة التالية
Icon