والتنوين في " كلاً " عوضٌ من المضافِ إليه. قال الزمخشري :" يعني : وإنَّ كلَّهم، وإنَّ جميعَ المختلفين فيه ". وقد تقدَّم أنه على قراءةِ " لَمَّاً " بالتنوين في تخريج أبي علي له لا يُقَدَّر المضافُ إليه " كل " إلا نكرةً لأجل نعتِها بالنكرة.
وانظر إلى ما تضمَّنَتْه هذه الآيةُ الكريمة من التأكيد، فمنها : التوكيد ب " إنَّ " و ب " كل " وبلام الابتداء الداخلة على خبر " إنَّ " وزيادةِ " ما " على رأيٍ، وبالقسمِ المقدر وباللامِ الواقعةِ جواباً له، وبنون التوكيد، وبكونها مشددةً، وإردافِها بالجملة التي بعدها من قوله ﴿ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ فإنه يتضمَّن وعيداً شديداً للعاصي ووعداً صالحاً للطائع.
وقرأ/ العامَّةُ " يعملون " بياء الغيبة، جرياً على ما تقدَّم مِن المختلفين. وقرأ ابن هرمز " بما تعملون " بالخطاب فيجوز أن يكونَ التفاتاً من غَيْبة إلى خطاب، ويكون المخاطبون هم الغيب المتقدِّمون، ويجوز أن يكونَ التفاتاً إلى خطاب غيرهم.
﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) ﴾
قوله تعالى :﴿ كَمَآ أُمِرْتَ ﴾ : الكافُ في محل النصب : إمَّا على النعتِ لمصدرٍ محذوفٍ، كما هو المشهورُ عند المعربين. قال الزمخشري :" أي : استقمْ استقامةً مثلَ الاستقامة التي أُمِرْتَ بها على جادَّة الحقِّ غيرَ عادلٍ عنها "، وإمَّا على الحال من ضمير ذلك المصدر. واستَفْعَل هنا للطلب كأنه قيل : اطلبْ الإِقامةَ على الدين، قال :" كما تقول : استغفر، أي : اطلب الغفران ".