قوله :﴿ وَمَن تَابَ مَعَكَ ﴾ في " مَنْ " وجهان أحدهُما : أنَّه منصوبٌ على المفعول معه، كذا ذكره أبو البقاء، ويصير المعنى : استقم مصاحباً لمَنْ تاب مصاحباً لك، وفي هذا المعنى نُبُوٌّ عن ظاهرِ اللفظ. الثاني : أنه مرفوعٌ، فإنه نسق على المستتر في " استقم "، وأغنى الفصلُ بالجارِّ عن تأكيده بضميرٍ منفصل في صحةِ العطف، وقد تقدَّم لك هذا البحثُ في قوله ﴿ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ ﴾ [ البقرة : ٣٥ ] وأنَّ الصحيحَ أنه من عطفِ الجمل لا من عطف المفردات، ولذلك قدَّره الزمخشري :" فاستقم أنت وليستقم مَنْ تاب " فقدَّر الرافعَ له فعلاً لائقاً برفعِه الظاهرَ.
وقرأ العامَّةُ ﴿ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ بالتاء جرياً على الخطاب المتقدم.
وقرأ الحسن والأعمش وعيسى الثقفي بالياء للغيبة، وهو التفاتٌ من خطابٍ لغيبةٍ عكسَ ما تقدم في ﴿ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [ هود : ١١١ ].
﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣) ﴾
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تركنوا ﴾ : قرأ العامَّةُ بفتح التاء والكاف، والماضي من هذا ركِن بكسر العين كعَلِمَ، وهذه هي الفصحى، كذا قال الأزهري. قال غيره :" وهي لغةُ قريش ". وقرأ أبو عمرو في روايةٍ " تِرْكَنوا "، وقد تقدَّم إتقانُ ذلك أوَل هذا الموضوع.