وقرأ قتادة وطلحة والأشهب بن رميلة ورُوِيَتْ عن أبي عمرو " تَرْكُنوا " بضم العين، وهو مضارع رَكَن بفتحها كقَتَل يَقْتُل. وقال بعضهم :" هو من التداخل " يعني أنَّ مَنْ نطق ب " رَكِنَ " بكسر العين قال :" يَرْكُن " بضمها، وكان مِنْ حقه أَنْ يفتح، فلما ضَمَّا عَلِمْنا أنه اسْتَغْنى بلغةِ غيره في المضارع عن لغتِه، وأمَّا في هذه القراءةِ فلا ضرورة بنا إلى ادِّعاء التداخُل بل نَدَّعي أنَّ مَنْ فَتَحَ الكافَ أخذه مِنْ رَكِن بالكسر، ومَنْ ضَمَّها أَخَذَه مِنْ ركَن بالفتح، ولذلك قال الراغب :" والصحيحُ أنْ يُقالَ رَكِنَ يَرْكَن، وركَنَ يَرْكُن، بالكسر في الماضي مع الفتح في المضارع، وبالفتح في الماضي مع الضم في المضارع ". وشَذَّ أيضاً قولُهم رَكَن يَرْكَن بالفتح فيهما وهو من التداخُل، فتحصَّل مِنْ هذا أن يُقَالَ : رَكِن بكسر العين وهي اللغةُ العاليةُ كما تقدَّم، ورَكَن بفتحها وهي لغةُ قيسٍ وتميم، زاد الكسائي " ونَجْد "، وفي المضارع ثلاثٌ : الفتحُ والكسرُ والضمُّ.
وقرأ ابنُ أبي عبلة " تُرْكَنوا " مبنياً للمفعول مِنْ أَرْكَنه إذا أماله، فهو من باب " لا أُرَيَنَّك ههنا " و ﴿ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ ﴾ [ الأعراف : ٢ ] وقد تقدَّم.
والرُّكُون : المَيْل، ومنه الرُّكْنُ للاستناد إليه.
قوله :﴿ فَتَمَسَّكُمُ ﴾ هو منصوبٌ بإضمار أنْ في جوابِ النهي. وقرأ ابن وثاب وعلقمة والأعمش في آخرين " فتِمَسَّكم " بكسرِ التاء وقد تقدَّم.
قوله :﴿ وَمَا لَكُمْ ﴾ هذه الجملةُ يجوز أن تكونَ حاليةً، أي : تَمَسَّكم حالَ انتفاءِ ناصركم. ويجوز أن تكون مستأنفة. و " مِنْ أولياء " :" مِنْ " فيه زائدةٌ : إمَّا في الفاعل، وإما في المبتدأ ؛ لأن الجارَّ إذا اعتمد على أشياءَ أحدُها النفي رفع الفاعل.