وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ الآية
لم يختلف أحد في أن ﴿ الصلاة ﴾ في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة، واختلف في ﴿ طرفي النهار ﴾ وزلف الليل فقيل : الطرف الأول الصبح، والثاني الظهر والعصر والزلف المغرب والعشاء، قاله مجاهد ومحمد بن كعب القرظي وروي أن النبي ﷺ قال في المغرب والعشاء :
" هما زلفتا الليل " وقيل : الطرف الأول : الصبح، والثاني : العصر، قاله الحسن وقتادة والضحاك، والزلف : المغرب والعشاء، وليست الظهر في هذه الآية على هذا القول - بل هي في غيرها، وقيل الطرفان : الصبح والمغرب - قاله ابن عباس والحسن - أيضاً - والزلف : العشاء، وليست في الآية الظهر والعصر. وقيل : الطرفان : الظهر والعصر، والزلف : المغرب والعشاء والصبح.
قال القاضي أبو محمد : كأن هذا القائل راعى جهر القراءة، والأول أحسن هذه الأقوال عندي ورجح الطبري أن الطرفين : الصبح والمغرب، وأنه الظاهر، إلا أن عموم الصلوات الخمس بالآية أولى.
وقرأ الجمهور " زلَفاً " بفتح اللام، وقرأ طلحة بن مصرف وابن محيصن وعيسى وابن إسحاق وأبو جعفر " زلُفاً " بضم اللام كأنه اسم مفرد. وقرأ " زلْفاً " بسكون اللام مجاهد، وقرأ أيضاً :" زلفى " على وزن - فعلى - وهي قراءة ابن محيصن. والزلف : الساعات القريب بعضها من بعض. ومنه قول العجاج :[ الرجز ]
ناج طواه الأين مما وجفا... طي الليالي زلفاً فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا... وقوله ﴿ إن الحسنات يذهبن السيئات ﴾، ذهب جمهور المتأولين من صحابة وتابعين إلى أن ﴿ الحسنات ﴾ يراد بها الصلوات الخمس - وإلى هذه الآية ذهب عثمان - رضي الله عنه - عند وضوئه على المقاعد وهو تأويل مالك، وقال مجاهد :﴿ الحسنات ﴾ : قول الرجل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.


الصفحة التالية
Icon