الرابعة : قوله تعالى :﴿ إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين ( رضي الله عنهم أجمعين ) إلى أن الحسنات هاهنا هي الصلوات الخمس وقال مجاهد : الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر، قال ابن عطية : وهذا على جهة المثال في الحسنات، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات ؛ لقوله ﷺ :" ما اجتنبت الكبائر "
قلت : سبب النزول يعضد قول الجمهور ؛ نزلت في رجل من الأنصار، قيل : هو أبو اليَسَر بن عمرو.
وقيل : اسمه عَبّاد ؛ خلا بامرأة فقبّلها وتلذذ بها فيما دون الفرج.
روى الترمذي عن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال : إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أَمسّها وأنا هذا فاقض فيّ ما شئت.
فقال له عمر : لقد سترك الله! لو سترت على نفسك ؛ فلم يردّ عليه رسول الله ﷺ شيئاً فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله ﷺ رجلاً فدعاه، فتلا عليه :﴿ أَقِمِ الصلاة طَرَفَىِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ اليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ذلك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ إلى آخر الآية ؛ فقال رجل من القوم : هذا له خاصة؟ قال :" ( لا ) بل للناس كافة " قال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وخرّج أيضاً عن ابن مسعود أن رجلاً أصاب من امرأة قُبلةَ حرامٍ فأتى النبي ﷺ فسأله عن كفارتها فنزلت :﴿ أَقِمِ الصلاة طَرَفَىِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ اليل إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات ﴾ فقال الرجل : ألِي هذه يا رسول الله؟ فقال :" لك ولمن عمل بها من أمتي " قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.